يتردد كثيراً في الفترة الأخيرة الحديث عن الدولة العلمانية، وأنها هي الوسيلة الوحيدة لنبذ العنف وضمان الاستقرار، وجميع الآراء التي طرحت تُحترم، إلا ما كان منها تعدٍ على حقوق الآخرين ومعتقداتهم واختياراتهم.
ومن المعروف قانونياً، وعلى نطاق واسع أن دين الدولة أو عقيدتها هي ما تتبناه الدولة وتعلنه بشكل رسمي في نظامها ودستورها، وإذا خلى دستور الدولة ونظامها من إعلان دينها وعقيدتها ، فإنها حينئذ تكون دولة لا دينية، أي دولة علمانية.
كما أنه من الثابت تاريخياً أن جميع الدول الغربية ما كانت لتقوم لها قائمة لولا دعم الدين لها، فلا يمكن تجاهل أديان الشعوب وعقائدعم، لأن الشعوب هم المكون الرئيس للدول كما سيمر معنا، كما لا يخفى على أحد أن الكثير من الدول الغربية لا زالت تولي الدين أهمية كبرى، وتعترف به، وتلجأ إليه كلما ضاقت بها ضايقة، وتدغدغ به مشاعر شعوبها، وتبرر به حروبها الصليبية ضد غيرها.
ومن المعروف قانونياً، وعلى نطاق واسع أن دين الدولة أو عقيدتها هي ما تتبناه الدولة وتعلنه بشكل رسمي في نظامها ودستورها، وإذا خلى دستور الدولة ونظامها من إعلان دينها وعقيدتها ، فإنها حينئذ تكون دولة لا دينية، أي دولة علمانية.
كما أنه من الثابت تاريخياً أن جميع الدول الغربية ما كانت لتقوم لها قائمة لولا دعم الدين لها، فلا يمكن تجاهل أديان الشعوب وعقائدعم، لأن الشعوب هم المكون الرئيس للدول كما سيمر معنا، كما لا يخفى على أحد أن الكثير من الدول الغربية لا زالت تولي الدين أهمية كبرى، وتعترف به، وتلجأ إليه كلما ضاقت بها ضايقة، وتدغدغ به مشاعر شعوبها، وتبرر به حروبها الصليبية ضد غيرها.
ستتم مناقشة الموضوع في ضوء مبادئ وقواعد القانون الدولي المعتبرة والنافذة، ومن أجل عدم الإطالة على القارئ ستكون المقالة على جزئين أو أكثر حسب مقتضيات الحال.
بالنسبة للدولة ، أي دولة، فقد حددت اتفاقية مونتيفيديو لعام 1933 (Montevideo Convention)، المتعلقة بحقوق وواجبات الدول، حددت عناصر الدولة وهي:
1. الأرض أو الإقليم ضمن حدود معينة،
2. سكان دائمون، يقيمون بصفة دائمة على أرض الدولة وأقاليمها،
3. حكومة، قادرة على فرض سيادتها على أرضها والسكان المقيمين على تلك الأرض، ويشمل ذاك حمايتها والدفاع عنها، وتوفير الأمن والتعليم والصحة وغيرها من الخدمات والمتطلبات الضرورية للسكان ...الخ
4. قدرة تلك الحكومة على إقامة علاقات خارجية.
كما أكدت هذه الاتفاقية أيضاً على مبادئ وقواعد ومفاهيم معاهدة ويستفاليا westphalia treaty 1648، التي أسست للدولة القومية ، وفصلت الدين عن الدولة، بسبب الحروب الطاحنة التي شهدتها القارة الأوروبية آنذاك بين الكاثوليكيين والبروتستانيين، على أمل أن يؤدي هذا الفصل إلى منع حدوث المزيد من الحروب التي عانت منها القارة سنين طويلة، ومع ذلك لم يمنع الفصل حدوث الحروب والنزاعات والصراعات، بل أن ما حدث بعد الفصل اسوأ بكثير ، بل وأكثر دمويةً ودماراً مما حدث قبلة.
كما أسست هذه المعاهدة لمبدأ السيادة الإقليمية territorial sovereignty ، وإن كان هذا المبدأ كان خاصاً بالقارة الأوروبية آنذاك، إلا أنه سرعان ما انتشر ليشمل جميع دول العالم دون استثناء، ثم أكدت عليه فيما بعد جميع القوانين والتشريعات الدولية اللاحقة، وهذا المبدأ يعني أن لكل دولة سيادة خالصة على أراضيها وأقاليمها بمعزل عن الدول الأخرى، تمارس عليها وعلى سكانها سلطتها وولايتها القانونية والقضائية، وفق نظامها ودستورها، وأن هذه السيادة تخول لها بحرية كاملة سن الأنظمة والقوانين والتشريعات التي تنظم شؤونها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، كما تم التأكيد على أن جميع الدول متساوية في الحقوق والواجبات، ومنها حقها في الاستقلال والدفاع عن سيادتها وسلامة ووحدة أراضيها، وبأنه لا يحق لأية دولة التدخل في الشؤون الداخلية او الخارجية لأي دولة أخرى.
كما أسست هذه المعاهدة لمبدأ السيادة الإقليمية territorial sovereignty ، وإن كان هذا المبدأ كان خاصاً بالقارة الأوروبية آنذاك، إلا أنه سرعان ما انتشر ليشمل جميع دول العالم دون استثناء، ثم أكدت عليه فيما بعد جميع القوانين والتشريعات الدولية اللاحقة، وهذا المبدأ يعني أن لكل دولة سيادة خالصة على أراضيها وأقاليمها بمعزل عن الدول الأخرى، تمارس عليها وعلى سكانها سلطتها وولايتها القانونية والقضائية، وفق نظامها ودستورها، وأن هذه السيادة تخول لها بحرية كاملة سن الأنظمة والقوانين والتشريعات التي تنظم شؤونها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، كما تم التأكيد على أن جميع الدول متساوية في الحقوق والواجبات، ومنها حقها في الاستقلال والدفاع عن سيادتها وسلامة ووحدة أراضيها، وبأنه لا يحق لأية دولة التدخل في الشؤون الداخلية او الخارجية لأي دولة أخرى.
ويتضح من عناصر الدولة، أنه لا يمكن أن تكون الدولة دولة في غياب أحد تلك العناصر، ويعتبر عنصري السكان والحكومة هما العنصران الأكثر تفاعلاً على أرض الدولة، فمن السكان تتشكل الحكومة، ولا يمكن أن تكون الدولة في غياب أحدهما، سواء كان غياباً حسياً بعدم وجوده اصلاً، أو غياباً معنوياً.
وإذا كانت الدولة كدولة تستمد شرعيتها الدولية من توافر عناصرها الأربعة المشار إليها، إضافةً إلى اعتراف الدول الأخرى بها، فإن الحكومة تستمد شرعيتها من نظام حكمها ودستورها، الذي يحدد مرجعية الحكم ، وطبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم وما إلى ذلك، هذا الدستور الذي يمثل عقيدة الشعوب ومبادئها واختياراتها ، عملاً بمبدأ حق تقرير المصير للشعوب self-determination ، وحقهم هذا في تقرير مصيرهم يتطلب حريتهم في إختيار دولهم وحكوماتهم، وهذا ما يفسر - على سبيل المثال لا الحصر- مبدأ الاستفتاء على الدولة، والاستفتاء على الحكومة، والاستفتاء على الدستور، لحسم الخلاف بين الشعوب والسكان، وايجاد الصيغة الأكثر قبولا للأغلبية.
وبالنسبة للمملكة ، فقد تضمنت المادة الأولى من النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم أ/90 وتاريخ 27'/8'/1412 هـ أن المملكة العربية السعودية، دولة عربية إسلامية، ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ولغتها هي اللغة العربية، وأن الحكم فيها ملكي (المادة 5)، ويبايع المواطنون الملك على كتاب الله تعالى، وسنة رسوله، وعلى السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره (المادة 6) ، كما يستمد الحكم سلطته من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله. وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة (المادة 7)، ويقوم الحكم على أساس العدل والشورى والمساواة، وفق الشريعة الإسلامية (المادة 8) ، وبذلك تكون الشريعة الإسلامية هي الركيزة الأساسية في منح الشرعية للحكم والحكومة، وتكون مبايعة المواطنون للملك على كتاب الله وسنة رسوله، هي الركيزة الثانية والمكملة لإضفاء الشرعية على الحكم في المملكة، لأنه لولا كتاب الله وسنة رسوله، لما كان هناك بيعة من الأصل، وفي هذه الحالة فإن على الحكومة أن تكتسب شرعيتها بالطرق الديمقراطية الحديثة.
كما أن المملكة تقوم بحماية عقيدة الإسلام، وتطبق شريعته، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتقوم بواجب الدعوة إلى الله (المادة 23)، وتقوم كذلك بإعمار الحرمين الشريفين وخدمتهما، وتوفير الأمن والرعاية لقاصديهما، بما يمكن من أداء الحج والعمرة والزيارة بيسر وطمأنينة (المادة 24).
وتأسيساً على كل ما تقدم، يتضح أن للمملكة العديد من القيم الجوهرية التي تتميز بها عن غيرها من دول العالم العربي والإسلامي، منها:
1. أول تلك القيم وأهمها على الإطلاق، هي دينها وعقيدتها، التي هي دستور الدولة ونظامها، وهي دين وعقيدة جميع المسلمين.
2. موقعها الجغرافي فهي تحكم الأرض، التي بُني بها أول بيت وضع للناس، قبلة المسلمين، كل المسلمين من اقصى الارض الى اقصاها، ويها مسجد رسوله الكريم، والمشاعر المقدسة، التي يفد إليها المسلمون من جميع أنحاء المعمورة، ويها نزل الوحي على نبيهم، وانطلقت دعوة التوحيد ورسالة الإسلام والسلام الخالدة.
3. السعودية هي من ترعى شئون الحرمين الشريفين، والمشاعر المقدسة ، قلب العالم الإسلامي النابض، ومأوى أفئدة المسلمين.
4. لغتها اللغة العربية، لغة القرآن، مصدر دين وشريعة كل المسلمين.
كل تلك القيم مجتمعة اكسبتها الشرعية الداخلية والخارجية، ويعتبر الطعن في دينها وعقيدتها، والتخلي عن دستورها، طعن في سيادتها وشرعيتها، وتخلٍ عنهما، وهذا سيترتب عليه العديد من النتائج ستتم مناقشتها في الجزء الثاني من هذه المقالة.
إن هذه الشرعية بصفتها الحالية اكتسبتها الدولة منذ إنشاء الدولة السعودية الأولى بالتحالف بين الحركتين؛ السياسية بقيادة الإمام محمد بن سعود ، والدينية بقيادة الشيخ محمد بن عبدالوهاب عام 1744، واستمرت الدولة السعودية الثانية والثالثة تستمد شرعيتها من نفس القيم، التي من أجلها نجد أن مليار ونصف المليار مسلم يقفون خلفها، لأنهم يرون فيها امتداداً لاسلافهم، وحاميةً لدينهم وعقيدتهم، وحاضنة لقبلتهم، وهم لن يتخلوا عن هذا الدعم الحسي والمعنوي، طالما بقيت السعودية على ماهي عليه من قيمٍ ومبادئ، ولذلك، فإنه من الصعوبة بمكان أن تقوم السعودية بالتنازل عن كل تلك القيم، والتخلي عن تلك المكانة الإسلامية الدولية، وفقد دعم العالم الإسلامي والمسلمين كافة.
تعليقات
إرسال تعليق