لاحظت في اليوم الوطني وغيره من المناسبات الوطنية أن الأناشيد الوطنية الحماسية والاهازيج التي تتغنى بالوطن، ولا شئ غير الوطن، مثل:-
# وطني الحبيب
# يا بلادي واصلي
# بلادي بلادي منار الهدي
# سعوديين
# فوق هام السحب وإن كنتي ثرى
وغيرها من الأناشيد الحماسية التى تخاطب الوطن والمواطن.
لاحظت أنها هي التي يُجمع عليها كل أطياف الشعب السعودي على اختلاف توجهاتهم وافكارهم وثقافاتهم، لأنها تتغنى في الوطن، وتمجد الوطن، فيشعرون أنها منهم واليهم، فيقبلونها، ويتفاعلون معها، ويتأثرون بها، بل وتكون الأكثر تأثيراً والأطول عمراُ ، والأكثر تفاعلاً، والأبلغ في إيصال الرسالة الوطنية، لأنها من أجلهم، ومن أجل الوطن، الذي هو ملك لهم جميعاً، وهم شركاء فيه، فيشعر كل واحدٍ منهم انه هو المخاطب، وأنه هو المعني بها، فيتساوى الجميع أمام الوطن، لا يعلوا احدٌ على أحد، ولا يتطاول احدٌ على أحد، فينصهرون جميعاً في قالب واحد، من أجل الوطن.
بعكس الأناشيد الحماسية والشيلات والاهازيج التي تتغنى بأشخاص معينين، أو تمجد قبيلة ما، أو منطقة ما، فهذه يكون عمرها قصير، سرعان ما تنتهي وتتلاشى، كما أن تأثيرها الايجابي محدود، بل وقد تسبب انفصام الشخصية الوطنية، وتشتت تركيزها، وتؤدي إلى تعزيز العنصرية والفئوية والمناطقية والطبقية والنعرات القبلية، والامعان في التهميش والإقصاء، وتأتي بنتائج عكسية على المدى البعيد، فتؤدي إلى تفكك اللحمة الوطنية، وتسبب الفرقة بين مكونات الوطن الواحد، وتُحدث جروحاً غائرة في المجتمع، تزداد خطورة يوماً بعد يوم.
وتأسيساً على ذلك، فإنني أعتقد أن التركيز على الوطن كوطن، كتلة واحدة، نظام واحد، كيان واحد، والتغني بالوطن، والإخلاص للوطن، والتضحية بالغالي والنفيس من أجل الوطن، يرتبط ارتباطاً ذهنياً وعاطفياً بحب الوطن، وهذا من شأنه تعزيز الوطنية في نفوس الشعب والأجيال، ومع مرور الوقت سيتحول ذلك إلى قاعدة صلبة ، متينة، لا تتزعزع، ولا تتحول، ولا تتبدل، لأن الوطن فوق الجميع، وهو العامل المشترك الأعظم لجميع مكوناته .
وسينسحب ذلك الحب العميق للوطن على سلوك المواطن، فيقوم بالحفاظ على مكتسبات ومقدرات الوطن، وتنمية الوطن، وبناء الوطن، والخوف على الوطن، ومحاربة كل ما قد يؤثر على الوطن، وسيصل التأثير والتفاعل إلى كل شىء في الوطن، فتتم المحافظة على المرافق العامة، لأنها مرافق الوطن، وتتم حماية الوطن من الفساد المالي والإداري، للحفاظ على المال العام للوطن، وسيُخلص التاجر والمقاول والموظف ، والكبير والصغير ، من أجل الوطن، لأن الجميع يشعر بالانتماء الحقيقي للوطن، ويُترجم هذا الانتماء إلى أفعال من أجل الوطن.
هكذا تكون الوطنية، التي تعتبر رافداً مهماً لبيعة المواطنين لولي الأمر، البيعة الشرعية ، على كتاب الله وسنة رسوله، صل الله عليه وسلم، وعلى السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، هذه البيعة التي تعتبر أرفع مقاماً، وأقوى من أي رابط يمكن أن يكون بين حاكم وشعبه على الإطلاق، وهي الحصن الحصين والحبل المتين، الذي يمكن أن يعزز مفهوم الوطنية الحقيقية، وحب الوطن، الحب الحقيقي، وتساهم في تشجيع على تمكين الوطنية الصادقة المخلصة، وليست الوطنية المزيفة المتزلفة، السلبية ، التي تخون كل رأي، وتكفر كل فكر، ولا تضيف للوطن شيئاً مفيداً، سوى المزيد من السلبية، والمزيد من التخلف، والمزيد من الانحطاط والتقهقر، التي سرعان ما تنهار كلها وتتلاشى أمام الكلمة الصادقة، والرأي المخلص.
فلنعمل جميعاً من أجل الوطن، ووحدة الوطن، وليكن شعارنا الوطن .. الوطن .. الوطن، نرددها ، ونرفع اصواتنا بها، حتى يعلو الوطن ويطغى على كل ما سواه.
حفظ الله ولاة أمورنا وشعبنا ووطننا من كل مكروه،،
تعليقات
إرسال تعليق