لعبت البحار ــــــ ولازالت ــــــ تلعب أدواراً رئيسة كوسيلة اتصال
بين أجزاء مختلفة من العالم، وكمستودعٍ واسعٍ للكائنات الحية والموارد غير الحية،
وخلال القرنين الأخيرين ظهرت استخدامات
جديدة للبحار، مثل استثمار البترول والغاز في الجرف القاري، واستخراج المعادن الصلبة
من المواقع القريبة من الشاطئ، ومع تطور العلم والتقنية فقد أخذت الاستخدامات
التقليدية للبحار مثل صيد الأسماك والملاحة والشحن البحري أبعاداً جديدة، كما
أضيفت استخدامات جديدة للبحار مثل توليد الطاقة من المد والجزر وحركة الرياح،
وتمويل الطاقة من المحيطات، وإنشاء محطات توليد الطاقة على الشواطئ، ومحطات تحليه
المياه، والمنصات البترولية، والجزر الاصطناعية والمخازن في قاع البحار للأبحاث
العلمية البحرية، الأمر الذي اكسبها أهميةً بالغة، وقد
حفزت هذه الأهمية للبحار المجتمع الدولي لوضع قواعد قانونية للبحار من أجل خلق
أجواء قانونية وسياسية تعطي جميع الدول، سواء الساحلية أو غير الساحلية، فرص
متكافئة فيما يتعلق باستخدام واستكشاف واستغلال البحار.
في ضوء ذلك تبرز أهمية تعيين المناطق البحرية للمملكة العربية
السعودية وسن الأنظمة والقوانين التي تحكم تلك المناطق بما يتفق مع الاتفاقيات
الدولية لقانون البحار، ونهدف هذه الورقة إلى تسليط الضوء على المناطق البحرية
للمملكة العربية السعودية، لا سيما وأن المملكة لم تحدد حتى الآن بعض تلك المناطق
بشكل دقيق يتفق مع أحكام وقواعد القانون الدولي للبحار، ولم تسن القوانين والأنظمة
التي تحفظ حقوقها في تلك المناطق اللهم إلا من بعض الأحكام والقواعد العامة كما
سيأتي ذكر ذلك في ثنايا هذا البحث، مع أن المملكة قد بدأت فعلاً بالخطوات الأولى
في هذا الشأن عندما حددت خطوط الأساس الخاصة بـهـا
بإحداثيات جغرافية في عام 1431هـ، الموافق 2010م، وصدر بذلك المرسوم الملكي رقم
5144/ب وتاريخ 28/1/1431هـ، بناء على قرار مجلس الوزراء رقم (15) وتاريخ
25/1/1431هـ، وكذلك قرار مجلس الوزراء الذي صدر أثناء إعداد ها البحث وتحديداً بتاريخ 17محرم
1433هـ الموافق 13 ديسمبر 2011م، القاضي بالموافقة
على نظام المناطق البحرية للمملكة العربية السعودية ، وأشار القرار أن الصيغة
مرفقة، وأنه سيٌعد مرسوم ملكي بذلك، إلا أنه لا زال أمام المملكة الكثير من العمل
في هذا الاتجاه.
1. مفهوم الحدود البحرية Maritime Boundaries
يمكن استخدام مصطلح "الحدود البحرية" Maritime Boundaries للدلالة على نوعين مختلفين
من الحدود، حيث يشير الاستخدام الأول إلى تحديد حدود المناطق البحرية للدولة
الساحلية مثـل: البحر الإقليمـي، والمنطقـة الملاصقة (المتاخمة)، والمنطقة
الاقتصادية الخالصة، والجرف(الامتداد) القـاري، أما الاستخـدام الثاني فيشيـر إلى
تـحديد الحدود البحريـة للدولة الساحليـة مع الدول الـمقابلة أو المجاورة لها،
وهذا الاستخدام يعبر عنه بـ "تعيين الحدود البحرية بين الدول Delimitation of maritime boundaries
between states" ".
2. الحدود البحرية والمناطق البحرية
Maritime Boundaries and Maritime Zones
تتكون أقاليم الدولة الساحلية بالإضافة إلى البر
الرئيس من المناطق
البحرية وهي المياه الداخلية المتاخمة للبر الرئيس،
والبحر الإقليمي المتاخم للمياه الداخلية في اتجاه البحر، ثم المنطقة
الاقتصادية الخالصة، والجرف القـاري، أي أن المناطق البحرية للدولة الساحلية هي
ذلك الجزء من البحر الملاصق لإقليمها البري باتجاه أعالي البحار، وتختلف سيادة
الدولة على مناطقها البحرية فتكون كاملة على مياهها الداخلية وتتناقص تلك السيادة
بشكل عام كلما ابتعدنا عن الإقليم البري للدولة باتجاه أعالي البحار، حتى تنعدم
سيادة الدولة تماماً في أعالي البحار، أما الحدود البحرية، كما سبقت
الإشارة، فهي تلك التي تحدد تلك المناطق، وتحدد الخط الفاصل بين الدول
الساحلية المتقابلة والمتجاورة، وتعتبر كلاً من الحدود البحرية والمناطق البحرية
بلا شك في غاية الأهمية للدولة الساحلية، التي تحتاج إلى الأمن والحماية والأمان
من ناحية البحر، فهي ضرورية لحماية الدولة من الناحية العسكرية والصحية والتجارية،
حيث تقوم الحدود البحرية بنفس دور الحدود البرية ولكنها تختلف عن الحدود البرية في
أن الأخيرة غالبا ما يكون أثرها بين دولتين متجاورتين أو أكثر، بينما الحدود
البحرية تتأثر بها عدة دول لأنها تتصل بأعالي البحار، التي هي مجال استخدام
واهتمام جميع الدول.
وتعتبر الحدود البحرية ـ شأنها في ذلك شأن الحدود البرية ـ من المواضيع السياسية
الحساسة، لأنها تؤثر على مصالح الدولة الساحلية وعلى سيادتها وولايتها القانونية
والقضائية على المناطق البحرية، وذلك فيما يتعلق بصيد الأسماك، واستثمار الثروات
الطبيعية، مثل البترول والغاز وغيرها من الثروات البحرية، وكذلك فيما يتعلق
بالاستخدامات البحرية الأخرى، وتتضح تلك الحساسية السياسية من خلال الفترة الطويلة
التي قضتها لجنة القانون الدولي في دراسة ومناقشة هذه المسائل في المؤتمر الثالث
للقانون الدولي البحار بين عامي 1947م و1982م من أجل بلورة معايير تحديد الحدود
البحرية وعلاقتها بمواضيع أخرى كثيرة.
3. أهمية تحديد خطوط الأساس في تعيين حدود المناطق البحرية
تكمن أهمية تحديد خطوط الأساس أو خطوط القاعدة في القانون
الدولي في أنها تعتبر الخط الذي يبدأ منه قياس المدى الذي تصل إليه المناطق
البحرية للدولة الساحلية، أي عرض البحر الإقليمي، المنطقـة الملاصقة، الجرف
القاري، والمنطقة الاقتصادية الخالصة، وبذلك فهي ــــ أي خطوط الأساس ـ تفصل بين
المياه الداخلية للدولة الساحلية ومياهها البحرية، كما أن خطوط الأساس مهمة
عند تعيين الحدود البحرية بين الدول المتقابلة والمتجاورة، وبالتحديد عند رسم
"خط الوسط"Median
Line ، الذي يجب أن تكون
كل نقطة عليه على بعد متساوي من خطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر الإقليمي،
وكذلك عند تطبيق مبدأ "المسافات المتساوية أو مبدأ "تساوي الأبعاد"
Equidistance Line، من خطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر
الإقليمي، ويوجد نوعين رئيسين من هذه الخطوط هما خط الأساس العادي وخط الأساس
المستقيم، بالإضافة إلى خطوط أساس أخرى متنوعة.
1.3. خطوط الأساس العادية Low-water lines
هي الخطوط الواصلة بين النقاط التي تصلها
المياه عند أدنى الجزر، وقد نصت المادة (3) من اتفاقية جنيف للبحر الإقليمي
والمنطقة المجاورة على أنه ( ما لم ينص على عكس ذلك في هذه المواد, فإن خط القياس
العادي الذي يقاس منه عرض البحر الإقليمي هو خط مياه الجزر المنحسرة الممتد على
طول الساحل كما هو مبين على الخرائط ذات المقياس الكبير المعترف بها رسمياً من قبل
الدولة الساحلية)، كما أن المادة (5) من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار نصت
على أن "يكون خط الأساس العادي لقياس البحر الإقليمي هو خط أدني جزر على
امتداد الساحل كما هو مبين على الخرائط ذات المقاس الكبير المُعترف بها رسمياً من
قبل الدولة الساحلية"، وفي هذا الصدد يرى اهنيشAhnish ،
أن هناك عدة مستويات من شأنها أن تحدد "خط ادني جزر للمياه" والتي تشتمل على أعلى وأدنى مد وجزر، وهذا يعني ارتفاع
وانخفاض المياه، ويعني أيضاً ارتفاع وانخفاض المياه حول الجزر، ويضيف أن المشكـلة
تنشأ عندما تقوم دولتان أو أكثر من الدول بتعيين الحدود البحرية باستعمال خطوط
أدنى جزر مختلفة، إذا كان يحق لهم القيام بذلك.
2.3. خطوط الأساس المستقيمةStraight Baselines
من الصعب تطبيق خطوط الأساس العادية، خطوط "أدنى
الجزر" عند وجود نتوءات وانبعاجات وخلجان في الساحل، وكذلك وجود جزر وشعاب
مرجانية ومنشآت تتعلق بالموانئ وغيرها، لذلك فإن البديل هو تطبيق خطوط الأساس
المستقيمة، والتي هي عبارة عن مجموعة من الخطوط المستقيمة تصل بين نقاط يتم
تعيينها بموجب إحداثيات جغرافية.
وتجدر الإشارة إلى أن التأصيل القانوني
لخطوط الأساس المستقيمة كان في عام 1951م، عندما أكدت محكمة العدل الدولية
في قضية المصائد النرويجية-الانجليزية the
Anglo-Norwegian Fisheries Case، والتي تعتبر القضية التي وضعت العديد من المبادئ التي أقرتها لاحقاً
اتفاقيات قانون البحار، خاصة فيما يتعلق بخطوط الأساس، على أن الحكومة النرويجية
لم تقدم على خرق أحكام القانون الدولي عندما اعتمدت طريقة خطوط الأساس المستقيمة
لقياس عرض مناطق الصيد، كما أكدت على مشروعية طريقة خطوط الأساس المستقيمة لقياس
البحر الإقليمي وبقية المناطق البحرية الأخرى كقاعدة عرفية دولية، كإحدى طرق قياس
عرض البحر الإقليمي المطبقة عندما يوجد في الساحل انبعاجات عميقة وانقطاع، أو حيث
توجد سلسلة من الجزر بالقرب من الساحل، إلا أنها وضعت عدة شروط من بينها أنه يجب
ألا تنحرف مجموعة الخطوط المستقيمة المكونة لخطوط الأساس عن الاتجاه العام للساحل،
وأن ترسم بالطريقة التي تجعل المنطقة
البحرية المحصورة بينها وبين ساحل الدولة مرتبطة بشكل واضح وفعال بإقليم الدولة
الساحلية البري, وأن تعامل كما لو أنها جزء من المياه الداخلية للدولة الساحلية،
كما أن محكمة العدل الدولية اعترفت بحرية الدولة في تحديد مناطقها البحرية التي
تخضع لسيادتها، وأكدت في الوقت نفسه على أن رسم الحدود البحرية له جوانب دولية،
ولا يمكن أن يعتمد على إرادة الدولة الساحلية بمفردها، قد اعتمدت هذه الطريقة
لاحقاً في اتفاقيات قانون البحار لعام 1958م، وعام 1982م، التي تضمنت شروطاً معينة
عند استخدام طريقة خطوط الأساس المستقيمة كما يلي:
أ.
يجب إلا تنحرف الخطوط المكونة لخط
الأساس عن الاتجاه العام للساحل، وأن ترسم بطريقة تجعل المنطقة البحرية المحصورة
بداخلها مرتبطة بشكل واضح وفعال بإقليم الدولة الساحلية البري لدرجة أنها تخضع
لنظام المياه الداخلية للدولة.
ب. يحب إلا تصل هذه الخطوط بين نقاط تقع على
المرتفعات التي تنحسر عنها المياه عند الجزر، إلا عندما يكون هناك منائر بحرية، أو
أي منشآت مشابهة تعلو مستوى سطح البحر بصفة دائمة، إلا في الحالات التي يكون فيها
مد خطوط الأساس من هذه المرتفعات واليها قد حظي باعتراف دولي عام.
ج.
يجب على الدولة الساحلية إلا ترسم خطوط أساس مستقيمة تفصل البحر الإقليمي لدولة
ساحلية عن أعالي البحار، أو منطقة اقتصادية خالصة لدولة أخرى طبقاً لاتفاقية الأمم
المتحدة.
3.3. خطوط الأساس في الخلجان
فيما يتعلق بالخلجان فقد تضمنت المادة (10) من اتفاقية الأمم
المتحدة لقانون البحار لعام 1982م أحكاما بخصوص الخلجان الداخلية التي تعود
ملكيتها للدولة والتي ليست خلجان تاريخية Historic bays،
ومن المسلم به أن الخليج يختلف عن التعرجات التي تعتبر "مجرد انحناءات في
الساحل"، وبذلك، فإن الانحراف لا يعتبـر خليجاً ما لم يـحتوي على منطقة من
الماء تكون مساحتها مساوية أو تزيد عن "نصف دائرة يكون قطرها عبارة عن خط
يرسم في مدخل الخليج ليصل بين طرفيه"، أي بين فتحتي هذا الانحراف، أما في
حالة وجود جزر ، وكان الانبعاج له أكثر من مدخل، فإن نصف الدائرة ترسم في خط بطول
مجموع أطوال الخطوط المرسومة لتصل بين طرفي كل مدخل.
يتم قياس منطقة الخليج البحرية من أدني جزر حول الانبعاج، وأن
خط القياس هو الخط الذي يصل نقاط أدنى جزر لنقاط مدخلة الطبيعي، حيث يجب ألا يزيد
طول هذه الخط عن (24) ميلاً بحرياً، أما إذا زادت المسافة عن (24) ميلا، فخط
الأساس هو الخط الواصل بين أي نقطتين على الخليج تفصلهما عن بعضهما مسافة (24)
ميلاً بحرياً، بحيث تكون المساحة المائية خلف هذا الخط أكبر ما يمكن الحصول عليه،
وتعتبر المياه المحصورة داخل هذا الخط مياهاً داخلية.
4.3. خطوط الأساس الأرخبيلية Archipelagic
الدولة الأرخبيـليـة هي "الدولة المكونة بالكامل من
أرخبيل واحد أو أكثر، ومن الممكن أن تحتوي على جزر أخرى" والأرخبيل هو مجموعة
جزر أو سلسلة من الجزر،
وقد ساهمت الدول الأرخبيلية في تطوير هام في
القانون الدولي للبحار من
خلال ما تضمنته اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، والتي احتوت على تفاصيل
دقيقة وبنود ومواد فيما يتعلق برسم خطوط الأساس للدولة الأرخبيلية والتي أُعطيت
نظام محدد ودقيق، فالدولة الأرخبيلية المحصورة في مياهها الأرخبيلية يمكنها، مثل
أي دولة ساحلية أخرى، أن ترسم خط يصل بين طرفي مدخل النهر، أو بين طرفي مدخل
الخليج أو بين أقصى نقطتين للمياه، من أجل تعيين وتحديد مياهها الداخلية، وقاع
البحار وما تحت القاع، وكذلك المواد التي تحتويها، يضاف إلى ذلك أمكانية مد
سيادتها إلى المجال الجوي فوق تلك المياه.
وعلى كل حال، فإن اتفاقية الأمم المتحدة
لقانون البحار لعام 1982م تضمنت احكاماً تفصيلية عن الحقوق العرفية للصيد،
والكابلات المغمورة، وكذلك المرور البريء لجميع السفن من خلال المياه الأرخبيلية،
كما يمكن للدولة الأرخبيلية رسم أو تخطيط مسارات ملاحية بحرية ومسارات جوية لغرض
مرور السفن في المياه الأرخبيلية وتحليق الطائرات فوق المياه الأرخبيلية والبحر
الإقليمي، كما
أنه يجب قياس عرض البحر الإقليمي للدولة الأرخبيلية والمناطق البحرية الأخرى من
خطوط الأساس الأرخبيلية. كما أن الدولة الأرخبيلية يمكنها وفق هذه الاتفاقية رسم
خطوط أساس ارخبيلية مستقيمة تصل بين أقصى بروز للجزر والشعاب المرجانية الجافة
للأرخبيل، وأن هذه الخطوط الأساس تحوي الجزر الرئيسية، ويجب إلا يزيد طول هذه
الخطوط الأساس عن (100) ميل بحري.
5.3. خطوط الأساس الأخرى
فيما يتعلق برسم خطوط الأساس في غير
الحالات المشار إليها أعلاه، مثل خطوط الأساس في النهر الذي يصب مباشرة في البحر,
فإن خط الأساس هو الخط الذي يمر عبر فتحة النهر بين آخر نقطتين على كل من ضفتيه
تنحسر عنهما المياه وقت الجزر، أما المرتفع الذي تنحسر عنه المياه عند الجزر
وتغمره عند المد, فإذا كان المرتفع واقعاً كلياً أو جزئياً على مسافة لا تتجاوز
عرض البحر الإقليمي من البر أو من جزيرة, فانه يجوز استخدام حد أدنى جزر في ذلك
المرتفع كخط أساس لقياس عرض البحر الإقليمي، أما إذا كان المرتفع الذي
تنحسر عنه المياه عند الجزر واقعاً كلياً على مسافة تتجاوز عرض البحر
الإقليمي من البر أو من جزيرة, فليس له بحراً إقليمياً خاصاً به، وبالنسبة
لقياس البحر الإقليمي للجزر, فإن اتفاقيات قانون البحار تتضمن نفس الأحكام التي
تنطبق على الإقليم البري للدولة الساحلية، وفيما يتعلق بقياس البحر الإقليمي في الموانئ فيتم رسم خطوط الأساس
بين ابعد الأعمال الإنشائية الدائمة التي تشكل جزءاً رئيساً من الميناء
كما تجدر الإشارة إلى انه يجب
على الدولة الساحلية عند تعيين خطوط الأساس لقياس عرض البحر الإقليمي، أن تظهر ذلك
على خرائط ذات مقياس رسم مناسب يكون كافياً للاطلاع عليها وفهمها، كما يمكن بدلاً
من ذلك نشر قائمة بالإحداثيات الجغرافية لنقاط خطوط الأساس، وان يتم تحديد المرجع الجيوديسي، كما أن
على الدولة الساحلية الإعلان عن هذه الخرائط أو قوائم
الإحداثيات الجغرافية، وإيداع نسخة من كل خريطة أو قائمة إحداثيات لدى الأمانة
العامة لهيئة للأمم المتحدة.
4. خطوط الأساس للمملكة العربية السعودية
أصدرت المملكة
العربية السعودية أول تشريع لها بشأن خطوط الأساس (خطوط القاعدة)، في عهد المؤسس
الملك عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه، بالمرسوم الملكي رقم 6/5/4/3711 وتاريخ
1شعبان 1368هـ الموافق 28 مايو عام 1949م، والذي اشتمل أيضاً على نظام
"المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية"، وقد تضمنت المادة (6) هذا
المرسوم أحكاماً عن خطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر الإقليمي، وفي عام
1958م، صدر نظام البحر الإقليمي والمياه الداخلية للمملكة بالمرسوم الملكي رقم 33
و تاريخ 27 رجب 1377هـ الموافق 16 فبراير 1958م، الذي حل محل نظام المياه
الإقليمية لعام 1949م، وقد وردت طرق تحديد خطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر
الإقليمي للمملكة في المادة (5) من المرسوم المشار إليه، ومن ضمن ما تطرق إليه المرسوم إقرار
الطريقتين اللتين ترسم بهما خطوط الأساس للمملكة وهما "خط الأساس العادي،
الذي هو خط حد أدنى جزر"، وكذلك "خط الأساس المستقيم"، إضافة إلى
أحكاماً تفصيلية لخطوط الأساس في بعض الظروف الخاصة، حيث نص المرسوم على أن خطوط الأساس هي:
أ. أدنى حد لانحسار الماء على الساحل إذا كان
البر أو شاطئ جزيرة ما مكشوفاً بأكمله للبحر.
ب. في حالة خليج مواجه للبحر المفتوح خطوط
ترسم من أحد طرفي الأرض من مدخل الخليج إلى الطرف الآخر.
ج. في حالة ضحضاح لا يبعد بأكثر من اثني
عشر ميلاً بحرياً من البر أو من جزيرة عربية سعودية خطوط ترسم من اليابس أو من
الجزيرة على طول الحافة الخارجية للضحضاح.
د. في حالة ميناء أو مرفأ في مواجهة
البحر المفتوح , خطوط ترسم على طول الجانب المواجه للبحر من المنشآت الأكثر بروزاً
من منشآت الميناء أو المرفأ وخطوط ترسم كذلك بين أطراف تلك المنشآت .
هـ. في حالة جزيرة لا تبعد عن
البر بأكثر من اثني عشر ميلاً بحرياً خطوط ترسم من البر على الشواطئ الخارجية
للجزيرة.
و. في حالة مجموعة من الجزر يمكن وصلها
ببعضها بخطوط لا يزيد طول الواحد منها على أثني عشر ميلاً بحرياً ولا تبعد أقرب
جزيرة منها عن البر بأكثر من اثني عشر ميلاً بحرياً، خطوط ترسم من البر ثم على طول
الشواطئ الخارجية لجميع جزر المجموعة إذا كانت الجزر على هيئة سلسلة، أو ترسم على
طول الشواطئ الخارجية الأكثر بروزاً من المجموعة إذا لم تكن الجزر على هيئة سلسلة.
ز. في حالة مجموعة من الجزر يمكن وصلها
ببعضها بخطوط لا يزيد طول الواحد منها على اثني عشر ميلاً بحرياً، ترسم خطوط على
طول الشاطئ لجميع الجزر المجموعة إذا كانت الجزر على هيئة سلسلة , أو ترسم على طول
الشواطئ الخارجية للجزر الأكثر بروزاً من المجموعة إذا لم تكن الجزر على هيئة
سلسلة.
وتجدر الإشارة في
هذا الصدد إلى أن نظام البحر الإقليمي والمياه الداخلية للمملكة الذي صدر في 16
فبراير عام 1958م، وسابقه نظام البحر الإقليمي لعام 1949م، يتفقان تماماً
الممارسات الدولية والعرف الدولي وما ورد في اتفاقية جنيف للبحر الإقليمي والمنطقة
المجاورة لعام 1958م، والتي دخلت حيز النفاذ بتاريخ 10 سبتمبر 1964م، بل أن
المملكة كانت أكثر وضوحاً في بعض مواد هاذين النظامين فيما يتعلق بطرق تحديد خطوط
الأساس.
ومع ذلك فإن المملكة العربية السعوديـة لم
تحدد خطوط الأساس الخاصة بـهـا بإحداثيات جغرافية إلا في عام 1431هـ، الموافق
2010م، عنـدما صدر المرسوم الملكي رقم 5144/ب وتاريخ 28/1/1431هـ، بناء على قرار
مجلس الوزراء رقم (15) وتاريخ 25/1/1431هـ، الذي اعتمد خطوط الأساس للمناطق
البحرية للمملكة في البحر الأحمر، وخليج العقبة، والخليـج العربي وفق قوائم
إحداثيات جغرافية، وذلك استناداً للمادة (16) الفقرة (2) من اتفاقية الأمم المتحدة
لقانون البحار لعام 1982م، ويبلغ طول البحر الأحمر (1100) ميل بحري، وهو بحر شبه
مغلق، ويتفاوت عرضه فيبلغ (214) في أقصاه، ويضيق إلى أن يصل إلى نحو (102) ميل
بحري، ويضيق في باب المندب إلى نحو (15) ميل بحري. تطل على البحر الأحمر ست دول،
إذا استثنينا خليج العقبة، منها دولتان تطلان على ساحله الشرقي وهي المملكة
العربية السعودية والجمهورية اليمنية، بينما يقابلهما على ساحله الغربي كلاً
من جمهورية مصرية العربية وجمهورية السودان ودولة اريتريا وجمهورية جيبوتي، أما
خليج العقبة فهو خليج مغلق في طرفه الشمالي، ويعتبر الذراع الشمالي الشرقي للبحر
الأحمر، يتفرع من الطرف الشمالي للبحر الأحمر باتجاه الشمال الشرقي، ويبلغ طوله
(100) ميل بحري، ومتوسط عرضه نحو (12) ميل بحري تقريباً، وأقصى عرض له (18) ميل
بحري تقريباً، كما يطل على الساحل الشرقي لخليج العقبة المملكة العربية السعودية
والمملكة الأردنية الهاشمية، ويقابلهما جمهورية مصرية العربية على ساحله الغربي،
وتطل فلسطين المحتلة على جزء من طرفه الشمالي.
بالنسبة للبحر الأحمر وخليج العقبة فيبدأ خط
الأساس للمملكة في خليج العقبة من النقطة (1) عند خط الحدود البحرية بين المملكة
والمملكة الأردنية الهاشمية ويستمر باتجاه الجنوب، ثم إلى شمال البحر الأحمر،
ويستمر حتى خط الحدود البحرية بين المملكة والجمهورية اليمنية.
وقد نص القرار أيضاً
على أن يتم الكتابة لمعالي الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة لنشر ذلك في مجلة
الأمم المتحدة لقانون البحار. وبالنظر إلى أحكام القانون الدولي للبحار، نجد أن
العمل السعودي يتفق تماماً مع ما أشارت إليه المادة (16) من اتفاقية الأمم المتحدة
لقانون البحار لعام 1982م، التي تضمنت في فقرتها الأولى أن رسم خطوط الأساس يكون
وفقاً للمواد (7) و(9) و(10) من الاتفاقية، والتي توضح كيفية رسم خطوط الأساس
المختلفة، وأنه يجب أن ترسم تلك الخطوط على خارطة ذات مقاس رسم كبير، أو أن يكون
هناك قائمة بإحداثيات خطوط الأساس، وقد أُرفق بقرار اعتماد خطوط الأساس قائمة
بالإحداثيات الجغرافية الموضحة له.
5. تحديد المناطق البحرية للمملكة العربية السعودية
1.5. المياه الداخلية للمملكة
كان لتعيين خطوط الأساس للمملكة آثاره القانونية الإيجابية على
النظام، حيث نجد أنها أصبحت حجر الزاوية ونقطة الارتكاز التي تتمحور حولها المواد
المتعلقة بالمياه الداخلية والبحر الإقليمي وبقية المناطق البحرية للمملكة كما
سيأتي ذكره، وهذا تطور ملحوظ، وهو ما يجب أن يكون، فقبل تعيين خطوط الأساس
للمملكة، كان على المشرع السعودي الإسهاب في المواد المشار إليها، إلا أنه ليس
مضطراً لذلك الآن، فبمجرد ربطها بخطوط الأساس يكون التعيين كافياً ومكتمل العناصر
القانونية المعتبرة وفق اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982م، وقد صدر
نظام المناطق البحرية للمملكة العربية السعودية بالمرسوم الملكي رقم م/6 وتاريخ 18
محرم 1433هـ الموافق 13ديسمبر 2011م بناء على قرار مجلس الشورى رقم (30/30) وتاريخ
12 رجب 1432هـ وقرار مجلس الوزراء رقم (12) وتاريخ 17 محرم 1433هـ، ليحل محل نظام
البحر الإقليمي والمياه الداخلية الصادر بالمرسوم الملكي رقم 33 وتاريخ 27 رجب
1377هـ، الموافق 26 فبراير 1958م، تضمنت المادة الثانية من النظام أن "المياه
الداخلية للمملكة هي المياه الواقعة باتجاه البر من خطوط الأساس" ( انظر
الشكل رقم9)، كما تضمن النظام أن أنظمة المملكة ولوائحها تحدد ضوابط دخول السفن
إلى مياهها الداخلية وخروجها منها، وهذا يتفق ما ورد في المادة الثانية (2) من
النظام مع أحكام المادة (8) الفقرة (1) من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار
لعام 1982م، المتعلقة بتعيين المياه الداخلية للدولة الساحلية التي هي جميع المياه
المحصورة بين خطوط الأساس والإقليم البري للدولة، وتتمتع الدولة الساحلية في
مياهها الداخلية بسيادة مطلقة، شأنها في ذلك شأن إقليمها البري، وبذلك، فانه لا
يحق للدول الأخرى ممارسة الصيد في هذه المياه، كما لا تتمتع السفن الأجنبية بحق
المرور البريء فيها، إلا انه ليس للدولة الساحلية أن تمارس أي اختصاص جنائي على
السفن الأجنبية الموجودة في المياه الداخلية، حيث أن ذلك من حق دولة العلم, خصوصا
عندما يكون موضوع التدخل يخص النظام الداخلي للسفينة أو العلاقة بين أفراد طاقمها،
مع بقاء حق تدخل سلطات دولة الميناء قائماً في بعض الحالات.
وبالنسبة للاختصاص الجنائي للمملكة على السفن الأجنبية
الموجودة في مياهها الداخلية, فقد جاءت تشريعاتها متفقة تماماً مع قواعد وأحكام
القانون الدولي للبحار من حيث أن ذلك من حق دولة العلم, حيث تستبعد ممارسة سلطات
دولة الميناء اختصاصها الإقليمي بالنسبة للمخالفات والجرائم الواقعة بين ملاحي
السفينة أو المخالفات ذات الصلة بالانضباط الداخلي للسفينة، حيث أن المملكة ضمنت
تلك القواعد العرفية الدولية في أنظمتها الداخلية، حيث حمل النظام السعودي مالك
السفينة أو ربانها مسؤولية الانضباط داخل السفينة، وهو ما تقره المادة (6) الفقرة
(14) من الجزء الأول من قواعد وتعليمات الموانـئ السعودية, التي تنص على أن
"يعتبـر مالك أو ربان السفينة مسئولا مسئولية مباشرة عن سلوك وتصرفات البحارة
في السفينة أثناء تواجدها في الميناء, وكذلك عن التقيد التام بقوانين المملكة العربية
السعودية, ويجب إعطاء اهتمام خاص بتلك القوانين المتعلقـة ببيـع أو نقل أو استعمال
أية مخدرات أو مشروبات كحوليـة من أي نـوع"، كما يمنع النظام السعودي أي شخص
غير البحارة أو الركاب الصعود إلى أي سفينة أثناء تواجدها بالميناء دون تصريح،
الذي لا يمنح إلا لمن تتطلب طبيعة عملهم الصعود على ظهر السفينة. إضافة إلى ذلك
فان لسلطات الميناء الحق في عدم السماح للسفينة التجارية الأجنبية بالدخول إلى
الميناء السعودي قبل إكمال جميع الإجراءات الرسمية.
2.5. البحر الإقليمي والمنطقة الملاصقة (المتاخمة) للمملكة
يعود مفهوم عرض البحر الإقليمي إلى عام 1702م، عندما أرسى الفقيه
الهولندي بنكر شوك Bynker shoek، مبدأ أن سيادة الدولة تمتد في البحر للمسافة التي تصل إليها طلقة
المدفع، وفي القرن التاسع عشر، تم اعتبار أن عرض البحر الإقليمي ثلاثة أميال
بحرية، وقد اعترف بذلك اللورد ستويلLord Stowell ، في قضية السفينة الأسبانية
(آنا) Anna Case ، التي حدثت عام 1805 م،
عندما قام أحد القراصنة البريطانيين بالاستيلاء
على السفينة (آنا) بالقرب من مصب نهر
المسيسبي، وطالبت الولايات المتحدة بالسفينة على أساس أنه قد تم القبض عليها داخل
المياه الإقليمية الأمريكية، وقد صدر الحكم في هذه القضية لصالح المطالب
الأمريكية، عندما أيد اللورد ستويلLord Stowell مطالبة الولايات المتحدة
بالسفينة على أساس أنه قد تم القبض عليها ضمن ثلاثة أميال من بعض الجزر
الصغيرة من الطين تعود إلى الولايات المتحدة، كما تم في وقت
لاحق، تأييد هذا الرأي من جانب الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على حدٍ سواء .
وقد استمر اعتبار الثلاثة
أميال بحرية عرضاً للبحر الإقليمي طوال القرن التاسع عشر، على الرغم أن مدى طلقة
المدفع قد زادت، جنباً إلى جنب مع التطورات التي حدثت في مجال النقل، والاتصالات،
والتقنيات، والتغيرات الأخرى في البحار، حيث لم يؤثر كل ذلك على نظام الثلاثة
أميال بسبب أن القوى البحرية الكبرى كانت دائماً تؤيد أقصى حرية للملاحة،
حيث تعتقد أنه كلما زاد عرض البحر الإقليمي كلما قلت حرية الملاحة، ثم تم الوصول إلى
اتفاق بشأن عرض البحر الإقليمي وفق بين رغبة الدول الساحلية في فرض سيادتها على
المناطق البحرية المحيطة بسواحلها من ناحية, ورغبة الدول الأخرى في تقليص سلطات
الدول الساحلية على هذه المياه، والإفادة منها في الاستعمالات البحرية المختلفة,
من ناحيةٍ أخرى، وقد تضمن المادة
(2) من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982م الأحكام المتعلقة بسيادة الدولة الساحلية على البحر الإقليمي، والحيز
الجوي فوق البحر الإقليمي، وكذلك إلى قاعه وباطن تربته خارج إقليمها البري ومياهها الداخلية .
فيما
يتعلق بالبحر الإقليمي للمملكة، فقد أشارت المادة (5) الفقرة (1) من النظام إلى أن
البحر الإقليمي للمملكة يمتد مسافة أثني عشر (12) ميلاً بحرياً باتجاه البحر، تقاس
من خطوط الأساس، وهي نفس المسافة التي حددتها في السابق المادة (4) من المرسوم
الملكي رقم 33 وتاريخ 27 رجب 1377هـ، الموافق 26 فبراير 1958م، وبالنسبة للحد
الخارجي للبحر الإقليمي للمملكة، فقد تضمنت الفقرة (2) من المادة (5) من النظام أن
الحد الخارجي للبحر الإقليمي للمملكة هو الخط الذي يكون بُعد كل نقطة عليه من أقرب
نقطة على خطوط الأساس مساوياً لعرض البحر الإقليمي، وهذا يتطابق مع ما ورد في
المادة (4) من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982م،والتي تعتبر أيضاً
متطابقة مع المادة (6) من اتفاقية جنيف للبحر الإقليمي والمنطقة المجاورة لعام
1958م، والتي نصت على ما يلي:
"الحد الخارجي للبحر الإقليمي هو الخط الذي تكون المسافة
بين كل نقطة عليه وأقرب نقطة من خط الأساس مساوية لعرض البحر الإقليمي".
أما
المنطقة الملاصقة للمملكة فقد تضمن النظام في المادة (11) أن للمملكة منطقة متاخمة
ملاصقة لبحرها الإقليمي، تمتد مسافة أثني عشر (12) ميلاً بحرياً من الحد الخارجي
للبحر الإقليمي للمملكة، وهذه المادة تختلف عن مثيلاتها في النظامين السابقين
اللذين حددا المنطقة الملاصقة للمملكة بستة (6) أميال بحرية فقط، وهذا يعني أن
المملكة زادت عرض منطقتها الملاصقة إلى أثني عشر (12) ميلاً بحرياً، ليصل إلى الحد
الأعلى الذي حددته اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982م.
1.2.5. سيادة المملكة على بحرها الإقليمي وحق المرور البريء
فيما يتعلق بالأنظمة والتشريعات الخاصة
بتنظيم المسائل المتعلقة بالمرور البريء في بحرها الإقليمي، فإن المملكة أعلنت
بتاريخ 24 أبريل1996م،عند تصديقها على اتفاقية الأمم لمتحدة لقانون البحار لعام
1982م، بأنها تعتبر أن لها الحق في أن تقوم بإصدار الإجراءات الداخلية المتعلقة
بالمناطق البحرية الخاضعة لسيادتها وولايتها القضائية، وذلك للتأكيد على حقوق
السيادة والولاية القضائية وضمان مصالح المملكة في تلك المناطق، وقد أوضحت المادة
(4) من النظام أن سيادة المملكة تمتد خارج إقليمها البري ومياهها الداخلية إلى
بحرها الإقليمي، وكذلك الحيز الجوي الذي يعلو البحر الإقليمي، وقاع هذا البحر
وباطن أرضه، وأن المملكة تباشر سيادتها على بحرها الإقليمي وفقاً لأحكام الاتفاقية
وغيرها من قواعد القانون الدولي، وهذا يتفق مع ما أحكام وقواعد المادة (2)
من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982م.
أشارت المادة (6) من النظام إلى أن سفن
جميع الدول تتمتع بحق المرور البريء في البحر الإقليمي للمملكة مع الالتزام
بالأنظمة واللوائح النافذة في المملكة، كما عرف النظام المرور البريء بأنه الذي لا
يضر بسلم المملكة أو بحسن نظامها أو بأمنها، وأن يكون عبر البحر الإقليمي وفقاً
لأحكام هذا النظام والاتفاقية وأي قواعد أُخرى في القانون الدولي، وأن أنظمة
المملكة ولوائحها تنظم المرور البريء عبر بحرها الإقليمي، طبقاً للاتفاقية وأي
قواعد أُخرى في القانون الدولي، وسرد النظام عدة أمور سوف تتناولها أنظمة المملكة
ولوائحها وهي:
1. تعيين الممرات البحرية وتنظيمها.
2. حماية وسائل تيسير الملاحة
والتسهيلات الملاحية، وغير ذلك من المرافق والمنشآت.
3. حماية الكابلات وخطوط الأنابيب.
4. حفظ الموارد الحية للبحر.
5. منع خرق أنظمة المملكة ولوائحها
المتعلقة بمصايد الأسماك
6. المحافظة على بيئة المملكة ومنع
تلوثها، وخفض التلوث والسيطرة عليه.
7. البحث العلمي البحري وأعمال
المسح الهيدروغرافي.
8. منع خرق أنظمة المملكة ولوائحها
الجمركية أو الضريبية أو المتعلقة بالهجرة أو الصحة.
وبالنسبة للمرور العابر للسفن التي تعمل بالطاقة
النووية والسفن التي تحمل مواد نووية أو ما شابهها، فقد أشارت المملكة إلى الخطر
الكامن في مرور السفن التي تعمل بالطاقة النووية، أو السفن التي تحمل مواد نووية
أو مواد أخرى ذات طبيعة مماثلة، على امن الدولة الساحلية، وأشارت إلى حق الدولة
الساحلية بموجب المادة (22) الفقرة (2) من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار في
حصر مرور هذه السفن إلى الممرات البحرية التي تعينها الدولة داخل بحرها الإقليمي،
كما أشارت إلى المادة (23) من الاتفاقية تتضمن أن على مثل هذه السفن، أثناء
ممارستها حقها في المرور البريء في البحر الإقليمي للدولة الساحلية، أن تحمل
الوثائق الخاصة بها، وأن تتقيد بالتدابير الوقائية التي أقرتها
الاتفاقات الدولية بهذا الشأن، وبناء على ذلك فقد تضمنت المادة (9) من النظام أن
على جميع الغواصات والمركبات الغاطسة الأُخرى أن ترفع علمها والإبحار طافية في
البحر الإقليمي للمملكة، وأن على السفن والغواصات ــ التي تعمل بالطاقة النووية أو
السفن التي تحمل مواد نووية أو مواد خطرة أو سامة ــ الحصول على إذن مسبق من
السلطات المختصة في المملكة بدخولها أو مرورها عبر البحر الإقليمي للمملكة، وأن
دولة علم السفينة تتحمل المسؤولية كاملة عن أي خسارة أو ضرر ينجمان عن
المرور البريء لهذه السفن والغواصات في البحر الإقليمي للمملكة، وأن على
جميع السفن والغواصات ــ التي تمارس حق المرور البريء في البحر الإقليمي للمملكة
ــ الالتزام بأنظمة المملكة ولوائحها، وأن تمتثل لجميع الأنظمة الدولية المعمول
بها في شأن منع التصادم في البحر، كما أشارت المادة (10) إلى أن دولة السفينة
الحربية أو الغواصة أو أي سفينة حكومية أُخرى مستعملة لأغراض غير تجارية
تتحمل المسؤولية الدولية عن أي خسارة أو ضرر يلحق المملكة نتيجة لعدم امتثالها
لأنظمة المملكة أو لأحكام الاتفاقية أو لأي قواعد أُخرى في القانون الدولي.
كما تضمن "إعلان المملكة" أن
حكومة المملكة العربية السعودية ترى أن أحكام الاتفاقية المتعلقة بتطبيق نظام
المرور العابر في المضايق المستخدمة للملاحة الدولية التي توصل جزء من أعالي
البحار أو منطقة اقتصادية خالصة مع جزء آخر من أعالي البحار أو المنطقة الاقتصادية
الخالصة تنطبـق أيضاً على التنقل بين الجزر الـمجاورة أو المتاخمة لهذه المضائق،
لاسيما عندما تكون الممرات البحرية المستخدمة للدخول إلى أو الخروج من المضيق،
وفقا لما تقرره المنظمة الدولية المختصة، تقع بالقرب من مثل هذه الجزر، كما أن
المملكة أعلنت أنها ليست ملزمة بأي تشريع محلي أو أي إعلان صادر عن أي دول أخرى
عند التوقيع أو التصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، حيث تحتفظ بحقها
في تـحديد موقفها بشأن جميع تلك التشريعات أو الإعلانات في الوقت المناسب، وأن
تصديق المملكـة على الاتفاقيـة لا يشكل بأي حال اعترافـاً بالمطالبـات البحرية لأي
دولة أخرى وقعت أو صادقت على الاتفـاقيـة، خاصةً إذا كانت مثـل تلك التشـريعات أو
الإعلانات لا تتفق مع أحكام اتفاقية قانون البحار، أو كانت تضر بالحقوق السيادية
والولاية القضائية للمملكة في المناطق البحرية، يضاف إلى ذلك، أن المملكة لا تعتبر
نفسها ملزمة بأي معاهدة دولية أو اتفاق يحتوي على أحكام تتعارض مع اتفاقية قانون
البحار، وتمس بحقوق السيادة والولاية القضائية للمملكة في المناطق البحرية. ويتضح من
الإعلانات المشار إليها أن المملكة لها حق السيادة على بحرها الإقليمي، و إلا لما
أعلنت تلك الإعلانات عند تصديقها على اتفاقية الأمم لمتحدة لقانون البحار لعام
1982م، ولما قُبِلت منها من قبل المنظمة الدولية.
يضاف إلى ما سبق أن المادة (1) من نِظام البحث العلمي
والبحريِّ فِي المناطِق البحريِّة التابِعة للمملكة العربية السعوديِّة الصادر
بقرار مجلس الوزراء رقم 103 وتاريخ 10/8/1413هـ، والمصادق عليه بالمرسوم الملكي
رقم م /12 وتاريخ 11/8/1413هـ نصت على أن هذا النظام يُطبَّق على جميع المناطِق
البحريِّة الخاضِعة لسيادة المملكة العربية السعودية أو لولايتها الإقليمية في
كُلٍ مِن البحر الأحمر والخليج العربي حسب أنظِمة المملكة، والتي تُسمَّى فيما بعد
(المناطِق البحريِّة)، كما أن نظام الطيران المدني للمملكة الصادر بالمرسوم الملكي
رقم م/44 وتاريخ 18/7/1426هـ عرف إقليم المملكة التي تمارس عليه سيادتها بأنه إقليمها
البري والمياه الإقليمية الخاضعة لسيادتها والفضاء الجوي الذي يعلوهما، يضاف إلى
ذلك أن نظام صيد واستثمار وحماية الثروات المائية الحية في المياه الإقليمية
للمملكة الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/9 وتاريخ 27/3/1408ه يؤكد حقوق المملكة
السيادية على بحرها الإقليمي ويتفق مع الممارسات الدولية وما استقر عليه العرف
الدولي وما تضمنته الاتفاقيات الدولية بهذا الشأن.
كما أن من مظاهر ممارسة المملكة لسيادتها على بحرها الإقليمي
ما ورد في نظام أمن الحدود الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/26 وتاريخ 24/6/1394هـ
ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 1440/10/ح وتاريخ 7/7/1396هـ،
والمعدلة بالقرار الوزاري رقم 85 وتاريخ 1/8/ 1413هـ، حيث عرف النظام المنطقة
البحرية التي تُطبق فيها أحكامه وقواعده بأنها المسافة الممتدة من خط الأساس
باتجاه البحر لتشمل ستة أميال بحرية فيما وراء البحر الإقليمي المحدد بـ (12 ميل
بحري) ويصبح عرضها 18 ميلاً بحرياً مقاسه من خطوط الأساس للمملكة في اتجاه البحر
ووفق ما جاء بالمرسوم الملكي رقم 33 في 27 رجب 1377هـ،والمرسوم الملكي رقم م/4 في
26/1/1431هـ، ويتم فيها تفتيش وسائط النقل البرية والبحرية عندما يقتضي الواجب
ذلك تنفيذاً لمهام حرس الحدود، ويستثنى من التفتيش وسائط النقل الحربية، كما
أن المادة (3) من النظام نصت على أنه مع عدم الإخلال بأحكام النظم المعمول بها
(المقصود بالنظم المعمول بها القانون الدولي وما يتعلق بحق المرور المبرئ للسفن
مثلاً) يتعين أن يلتزم الكافة لدى مرورهم بمناطق الحدود والمياه الإقليمية
بالقواعد التي تصدر بها لائحة من وزير الداخلية.
وقد راعى النظام عند تعقب وسائط النقل البحرية لما وراء منطقة
الحدود البحرية الاتفاقيات والمعاهدات المنظمة لذلك التي تكون المملكة طرفاً فيها،
وفي ذلك إشارة إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982م والتي صادقت
عليها المملكة، وهذا يعني إتباع أحكام وقواعد الاتفاقية المنظمة للمطاردة الحثيثة.
كما يتم تفتيش كافة وسائط النقل البحرية التي لا ترفع علماً
يحدد جنسيتها عند دخولها أو مرورها بمنطقة الحدود وضبطها إذا لم تستطع إثبات
جنسيتها، وألزمت المادة (19) من اللائحة التنفيذية وسائط النقل
البحرية بضرورة رفع علم يحدد جنسيتها وفرضت عقوبة على من يخالف ذلك، حيث تضمنت أنه
لا يجوز لأي واسطة نقل بحرية لم تكن رافعة علماً يحدد جنسيتها الدخول أو المرور في
منطقة الحدود إلا بموافقة الدوائر المختصة وبعد إشعار حرس الحدود وكل واسطة تخالف
ذلك يعاقب قائدها بغرامة مالية لا تقل عن خمسمائة ريال ولا تزيد عن عشرين ألف ريال
وإذا ثبت أن الواسطـــــة قـــــد رفعت علماً غيــــــر علـــم جنسيتها يعاقب
قائدها بالسجن لمدة لا تقل عن خمسة عشر يوماً ولا تزيد عن أربعة وعشرين شهراً أو
بغرامة مالية لا تقل عن ألف ريال ولا تزيد عن عشرين ألف ريال أو بهما معاً.
6. الجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة للمملكة
أصدرت المملكة أول إعلان لها بشأن
سياستها فيما يخص ما تحت قاع البحر والقاع في مناطق الخليج العربي المتاخمة
لسواحلها، بموجب النطق الملكي بتاريخ 1 شعبان 1368هـ الموافق 28 مايو 1949م، الذي
أشار إلى أن تلك المناطق تخضع لرقابة الدولة وولايتها، وانه سيتم تحديدها وفقاً
لمبادئ العدالة بموجب اتفاقيات تبرمها مع الدول المجاورة التي لها رقابة وولاية
على ما تحت البحر وقاعه في المناطق المجاورة، وقد أشارت المملكة إلى الممارسات
الدولية التي تؤسس للقانون الدولي العرفي، حيث لم يتم حتى ذلك الوقت التوصل إلى
نظام الامتداد القاري، الذي لم يتم التوصل إليه إلا بتاريخ 1958م، عندما تم توقيع
اتفاقية جنيف للجرف القاري التي كانت إحدى نتائج المؤتمر الثاني لقانون البحار،
ولم يشير الإعلان إلى "الجرف القاري"، وإنما أشار إلى "ما تحت قاع
البحر والقاع في مناطق الخليج العربي المتاخمة لسواحل المملكة"، كما يلاحظ
هنا أيضاً أن النطق الملكي أشار إلى القاعدة التي سيتم إتباعها لتحديد تلك المناطق
لاحقاً مع الدول المجاورة وهي "مبادئ العدالة" ex aequo
et bono ، وهذا يتفق مع نص وروح المادة (83) الفقرة (1) من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982م
التي أشارت إلى أن تعيين حدود الجرف القاري بين الدول ذات السواحل المتقابلة أو
المتلاصقة يتم عن طريق الاتفاق على أساس القانون الدولي، على النحو المشار إليه في
المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، من أجل التوصل إلى حل منصف،
وهذا الحل المنصف يكون عن طريق ما تضمنته المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة
العدل الدولية التي تتضمن أنه يمكن للمحكمة أن تفصل في نزاع ما على أساس
العدالة والإنصاف ex aequo et bono، إذا وافق أطراف النزاع على ذلك.
بالإضافة إلى الإعلان عن سياستها في الخليج العربي، فقد أصدرت
المملكة إعلانا مماثلاً يتضمن نظَام تملك ثروات البحر الأحمر، بموجب قرار مجلس
الوزراء رقم 1006وتاريخ 7 رجب 1388 هـ الموافق 5 سبتمبر 1968م، الذي تمت المصادقة
عليه بموجب المرسوم الملكي رقم م/27 بتاريخ 9 رجب 1388هـ، الموافق 7 سبتمبر 1968م،
وقد أشارت المادة (1) من النظام إلى الآتي:
"تعود
إلى المملكة العربية السعودية كافة المواد الهيدروكربونية والمعادن الكائنة في
طبقات قاع البحر العام وذلك بالنسبة للمنطقة الممتدة في البحر الأحمر أسفل البحر
العام والمجاورة للجرف القاري السعودي."
يلاحظ
أن هذه المادة أشارت إلى تملك ثروات البحر الأحمر في المنطقة المجاورة للجرف
القاري السعودي، و لم تشير إلى الجرف القاري السعودي نفسه، وإنما إلى المنطقة
المجاورة له، واعتقد أن مجرد الإشارة إلى عبارة "الجرف القاري السعودي"
تعني أن هناك جرفاً قارياً سعودياً سبق تحديده، وهو ما لم يحدث إلى ذلك الوقت، أو
أنه كان يقصد من ذلك أن حقوق المملكة في الجرف القاري، كدولة ساحلية، ثابتة
وموجودة أصلاً في اتفاقية جنيف للجرف القاري لعام 1958م، والتي صدرت قبل صدور هذا
المرسوم بعدة سنوات، ولذلك رأت المملكة أنه من المناسب في ذلك الوقت الاهتمام أكثر
بالمناطق المجاورة للجرف القاري السعودي، والتي "بدأت تجذب أنظار الدول
الأخرى، وتجعلها تفكر
في الوسائل الكفيلة باستثمارها"، وقد أوضحت ذلك "المذكرة
التوضيحية" للنظام، التي استشهدت بالممارسات التي قامت بها المملكة المتحدة،
عندما ادعت تملك مصايد المرجان عن طريق وضع اليد في قاع البحر عند سيلان، كما أن
المملكة اتبعت "إعلان ترومان" المشار إليه أعلاه، وتجدر الإشارة إلى أن
مجرد الإشارة إلى عبارة "الجرف القاري السعودي" في النظام لا يعد من
الناحية القانونية إعلاناً من جانب المملكة عن جرفها القاري.
وفي تطور ملحوظ في التشريعات السعودية، فإن نظام المناطق
البحرية للمملكة لعام 1433هـ/2011م عين الجرف القاري للمملكة لأول مرة لمرة حيث
تضمنت المادة السابعة عشرة (17) من النظام أن الجرف القاري للمملكة يشمل قاع أرض
المساحات المغمورة وباطنها، التي تمتد إلى ما وراء بحرها الإقليمي في جميع أنحاء
الامتداد الطبيعي لإقليم المملكة البري، وأن المملكة تمارس على جرفها القاري حقوق
سيادة خالصة لأغراض استكشاف موارده الطبيعية، واستغلالها، وأن هذه الموارد
الطبيعية تشمل الموارد المعدنية وغيرها من الموارد غير الحية في قاع البحر وباطن
أرضه، بالإضافة إلى الكائنات الحية التي تنتمي إلى الأنواع الآبدة، وهي الكائنات
التي تكون في المرحلة التي يمكن جنيها، إما غير متحركة وموجودة على قاع البحر أو
تحته، أو غير قادرة على الحركة إلا وهي على اتصال مادي دائم بقاع البحر أو باطن
أرضه، يضاف إلى ذلك أن للمملكة الحق الخالص في الإذن بالحفر في جرفها القاري،
وتنظيمه لجميع الأغراض، ويحق لها استغلال باطن الأرض عن طريق حفر الأنفاق أياً كان
ارتفاع الماء فوق باطن الأرض.
وبالنسبة للحقوق السيادة فهي تعني أنها حقوق خالصة للمملكة، ولا تتوقف على
الاحتلال الفعلي أو الحكمي، ولا على إعلان صريح من المملكة، وهذا يعني أنها حقوق
خاصة بالمملكة، ولا يجوز لأحد أن يباشر أياً من هذه الحقوق دون موافقة خطية وصريحة
من السلطات المختصة في المملكة، واعترفت المملكة في المادة الحادية والعشرون (21)
من النظام بحرية الملاحة والتحليق ومد الكابلات ووضع الأنابيب المغمورة للدول
الأخرى في المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري للمملكة، وفقاً لأحكام
الاتفاقية وقواعد القانون الدولي وأنظمة المملكة ولوائحها، ولم ينسى النظام
الإشارة إلى أن تطبيق أحكامه وقواعده لا يخل بما سبق إبرامه من اتفاقيات بين
المملكة والدول المجاورة والمقابلة لها فيما يتعلق بالحدود البحرية أو باستغلال
الموارد الطبيعية في البحر الأحمر وخليج العقبة والخليج العربي، لا سيما وأن
المملكة عينت حدودها البحرية مع جميع الدول المتقابلة معها والمجاورة لها المطلة
على الخليج العربي عدا بعض النقاط المحدودة، وكذلك عينت الحدود البحرية مع الدول
المتجاورة معها المطلة على البحر الأحمر.
وبالمثل فقد عرف النظام ولأول مرةٍ ايضاً المنطقة الاقتصادية
الخالصة للمملكة في المادة (12) بأنها تقع مباشرة وراء بحرها الإقليمي وملاصقة له،
وتمتد إلى الحدود البحرية مع الدول المجاورة والمقابلة للمملكة ، وما من شك في أن
نص هذه المادة يعني أن المسافة بين المملكة والدول القابلة لها تقل عن ضعف عرض
المنطقة الاقتصادية، أي أقل من (400) ميل بحري، وهذا ما تفسره عبارة "وتمتد
إلى الحدود البحرية مع الدول المجاورة والمقابلة للمملكة"، فلو كانت المساحة
بين المملكة وتلك الدول تزيد عن ضعف عرض المنطقة الاقتصادية المحددة بمائتين
(200) ميل بحري لما أوجد المشرع السعودي هذا النص، كما أن المادة الثالثة عشرة
(13) من النظام نصت على حقوق المملكة في منطقتها الاقتصادية الخالصة بأنها:
1.
حقوق سيادة خالصة، لغرض استكشاف الموارد الطبيعية الحية منها وغير الحية للمياه
التي تعلو قاع البحر، ولقاع البحر وباطن أرضه، وحفظ هذه الموارد وإدارتها، وكذلك
فيما يتعلق بالأنشطة الأخرى للاستكشاف والاستغلال الاقتصاديين للمنطقة الاقتصادية
الخالصة، كإنتاج الطاقة من المياه والتيارات والرياح.
2.
ولاية خالصة فيما يتعلق بالآتي:
(أ)
حماية البيئة البحرية والحفاظ عليها.
(ب)
إجراء البحث العلمي والإشراف عليه.
(جـ)
إقامة الجزر الاصطناعية والمنشآت والتركيبات وتشغيلها وصيانتها، وتحديد مناطق
السلامة، بما في ذلك الولاية في إصدار القوانين والأنظمة الجمركية والضريبية
والصحية، وقوانين الأمن والسلامة والهجرة وغيرها.
3.
جميع الحقوق الأخرى المقررة طبقاً للاتفاقية ولأي قواعد أخرى في القانون الدولي.
وتضمن
النظام أن للمملكة في سبيل ممارستها لحقوقها السيادية في المنطقة الاقتصادية
الخالصة أن تتخذ تدابير تمكنها من ذلك منها: تفقد السفن وتفتيشها واحتجازها وإقامة
دعاوى قضائية ضدها، وفقاً لما تقتضيه الضرورة، لضمان الامتثال لأنظمة المملكة
ولوائحها في المنطقة الاقتصادية الخالصة، كما أشار النظام إلى أنه لا يتم إخلاء
سبيل السفن المحتجزة إلا بعد تقديم كفالة أو ضمان، وأن تقوم المملكة بتبليغ دولة
العلم في حالات احتجاز السفن الأجنبية بالإجراء المتخذ وبأي عقوبات تفرض بعد ذلك،
ومع أن حق الصيد في المنطقة الاقتصادية الخالصة على مواطني المملكة، إلا أن النظام
أجاز للسلطات المختصة في المملكة أن ترخص لغير المواطنين بالصيد وفقاً للشروط
والقيود التي تراها مناسبة مع احتفاظ المملكة بحقها في اتخاذ ما تراه من تدابير
للمحافظة على الثروات الحية، وأن على جميع الدول أن تراعي حقوق المملكة في منطقتها
الاقتصادية الخالصة، وأن تمتثل لأنظمة المملكة وأحكام الاتفاقية وأي قواعد أخرى في
القانون الدولي.
الخلاصة
في ضوء المناقشة
السابقة يتضح أن المملكة
العربية السعودية أصدرت أول تشريع لها بشأن خطوط
الأساس، ونظام "المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية"، بالمرسوم
الملكي رقم 6/5/4/3711 وتاريخ 1شعبان 1368هـ الموافق 28 مايو عام 1949م، كما صدر
نظام البحر الإقليمي والمياه الداخلية للمملكة بالمرسوم الملكي رقم 33 و تاريخ 27
رجب 1377هـ الموافق 16 فبراير 1958م، الذي حل محل نظام المياه الإقليمية لعام
1949م، الذي عين المياه الإقليمية للمملكة، وحمل النظام السعودي مالك
السفينة أو ربانها مسؤولية الانضباط داخل السفينة أثناء وجودها في المياه الداخلية
للمملكة، متفقاً في ذلك مع القواعد القانونية والعرفية الدولية، وحدد النظام البحر
الإقليمي للمملكة باثني عشر (12) ميلا ً بحرياً والمياه الملاصقة بستة (6) أميال
بحرية، وجاءت جميع تشريعات المملكة
وإعلاناتها عند تصديقها على اتفاقية الأمم
المتحدة لقانون البحار لعام 1982م، مؤكدةً على حقها في ممارسة سيادتها على بحرها
الإقليمي، وحقوقها السيادية وولايتها
القضائية على مناطقها البحرية، مع
اعترافها بحق سفن الدول الأخرى بالمرور البريء ما دام لا يضر بسلم المملكة أو بحسن نظامها أو بأمنها .
وقد أقرت أنظمة المملكة الطريقتين
اللتين ترسم بهما خطوط الأساس للمملكة وهما "خط الأساس العادي، الذي هو خط حد
أدنى جزر"، وكذلك "خط الأساس المستقيم"، إضافة إلى أحكاماً تفصيلية
لخطوط الأساس في بعض الظروف الخاصة مثل في حالات
الجزر والخلجان والضحضاح والميناء ..الخ، وقد اتفقت أحكام هاذين النظامين مع ما
ورد في اتفاقيات قانون بل كانت أكثر وضوحاً فيما يتعلق بطرق تحديد خطوط الأساس.
كما أن المملكة أعلنت عن سياستها فيما
يخص ما تحت قاع البحر والقاع في مناطق الخليج العربي المتاخمة لسواحلها، بموجب
النطق الملكي بتاريخ 1 شعبان 1368هـ الموافق 28 مايو 1949م، الذي أشار إلى أن تلك
المناطق تخضع لرقابة الدولة وولايتها، وانه سيتم تحديدها وفقاً لمبادئ العدالة
بموجب اتفاقيات تبرمها مع الدول المجاورة التي لها رقابة وولاية على ما تحت البحر
وقاعه في المناطق المجاورة، وكانت المملكة قد اتبعت في ذلك الممارسات الدولية
المشابهة.
وبالنسبة للبحر الأحمر، فقد أصدرت المملكة إعلانا مماثلاً
يتضمن نظَام تملك ثروات البحر الأحمر، بموجب المرسوم الملكي رقم م/27 بتاريخ 9 رجب
1388هـ، الموافق 7 سبتمبر 1968م، والذي أشار إلى أن كافة المواد الهيدروكربونية
والمعادن الكائنة في طبقات قاع البحر العام وذلك بالنسبة للمنطقة الممتدة في البحر
الأحمر أسفل البحر العام والمجاورة للجرف القاري السعودي تعود إلى المملكة العربية
السعودية، متفقةً في ذلك مع الإعلانات والأعراف والقوانين الدولية، إلا أن المملكة
لم تعلن حتى الآن عن إنشاء منطقة اقتصادية
خالصة خاصة بها.
وفي عام 1431هـ قامت المملكة
بتحديد خطوط الأساس الخاصة بـهـا بإحداثيات جغرافية عنـدما صدر المرسوم الملكي رقم
5144/ب وتاريخ 28محرم 1431هـ، الذي اعتمد خطوط الأساس للمناطق البحرية للمملكة في
البحر الأحمر، وخليج العقبة، والخليـج العربي وفق قوائم إحداثيات جغرافية بحيث
احتوت معظم الجزر في البحر الأحمر وخليج العقبة ضمن المياه الداخلية للمملكة.
وأخيراً وليس آخراً فقد صدر نظام المناطق البحرية للمملكة
العربية السعودية بالمرسوم الملكي رقم م/6 وتاريخ 18 محرم 1433هـ الموافق 13ديسمبر
2011م بناء على قرار مجلس الشورى رقم (30/30) وتاريخ 12 رجب 1432هـ وقرار مجلس
الوزراء رقم (12) وتاريخ 17 محرم 1433هـ، ليحل محل نظام البحر الإقليمي والمياه
الداخلية الصادر بالمرسوم الملكي رقم 33 وتاريخ 27 رجب 1377هـ، الموافق 26 فبراير
1958م، والذي حدد عرض البحر الإقليمي والمنطقة الملاصقة باثني عشر (12) ميلاً لكلٍ منهما ومن أبرز ملامح النظامين أن تحدد
أنظمة المملكة ولوائحها ضوابط دخول السفن إلى مياهها الداخلية وخروجها منها،
وأن سفن جميع الدول تتمتع بحق المرور البريء في البحر الإقليمي للمملكة
ويكون المرور بريئاً ما دام لا يضر بسلم المملكة أو بحسن نظامها أو بأمنها، وأن
على جميع الدول أن تراعي حقوق المملكة في منطقتها الاقتصادية الخالصة وأن تمتثل
لأنظمة المملكة وأحكام الاتفاقية وأي قواعد أخرى في القانون الدولي، وتضمن النظام
ولأول مرة احكاماُ وقواعد عن تعيين الجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة وحقوق المملكة فيهما.
بحث ممتاز جدا .. أسأل الله لي و لكم التوفيق
ردحذفwe offer urgent loans for XMAS
ردحذفinfo@waheedfinance.com