التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المسئولية الدولية: State Responsibility



      المسئولية الدولية مبدأ رئيس من مبادئ القانون الدولي ومستمدة من طبيعة النظام القانوني العالمي ومبدأ سيادة الدولة والمساواة الدولية. وقد نص البند (1) من مسودة اتفاقية القانون الدولي على إن كل عمل دولي خاطئ يصدر عن الدولة يستوجب المسئولية الدولية عليها، بذلك فان المسئولية الدولية تنشأ عندما يقوم أحد أشخاص القانون الدولي بعمل ما أو يمتنع عن عمل ما أو يهمل عمل ما ويكون قيامه بالعمل أو امتناعه عنة أو إهماله مخالفه لالتزام قانوني معين ويؤدي إلى إلحاق الضرر بشخص دولي آخر، أو عدة أشخاص دوليين وفي هذه الحالة لا بد من التعويض عن الضرر الحاصل، ولا تكون الدولة مسئولة إلا إذا كان الأمر تحت سيطرتها، أما إذا لم يكن كذلك فلا تقع المسئولية الدولية.

أولا: عناصر المسئولية الدولية
1.  وجود التزام قانوني دولي بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي.
2.  الإهمال في القيام بهذه الالتزامات أو انتهاكها.
3. حدوث أضرار من جراء الإهمال غير القانوني لتلك الالتزامات أو انتهاكها، وقد تكون الأضرار مادية كخرق الحدود الإقليمية لأي دولة، أو الاعتداء على الموظفين الدبلوماسيين لدولة أو منظمة، وقد تكون الأضرار معنوية كإهانة الدولة والتقليل من شانها.
      وهذه العناصر تمت الإشارة إليها في أكثر من قضية، فعلى سبيل المثال أكد القاضي (هيوبر) Huber في قضية بين المغرب واسبانيا على أن المسئولية الدولية تعتبر ضرورة طبيعية لأي حق، وان كل الحقوق الدولية تحتوي على مسئولية دولية أو يترتب عليها مسئولية دولية, فالمسئولية الدولية توجب التعويض إذا لم يتم الوفاء بالالتزامات المترتبة على تلك الحقوق،  كما حدد البند (3) من بنود مسودة اتفاقية القانون الدولي فيما يتعلق بالمسئولية الدولية عنصرين إذا توفرا كان هناك عمل غير قانوني يترتب عليه مسئولية دولية وهما:
1.     أي تصرف آو سلوك يدل على إهمال منسوب إلى دولة ما، أو قامت به دولة ما، أو شخص دولي.
2.     أن يؤدي هذا التصرف، ويعتبر خرقا للالتزامات الدولية لتلك الدولة أو الشخص الدولي.

ثانيا: أنواع المسئولية الدولية

1.    المسئولية التعاقدية:
     وهي المسئولية التي تنتج عن انتهاك التزام ترتب على الدولة ذات العلاقة بعد توقيع اتفاقية أو معاهدة.
2.    المسئولية التقصيرية:
     وهي المسئولية الناتجة عن بعض التصرفات التي لا تنتهك التزام تعاقدي كما هو الحال في المسئولية التعاقدية، وإنما تنتج عن تصرفات الدولة ضد مواطني دولة أخرى مثل: إصدار حكم جائر ضد الأجنبي أو حرمانه من ممارسة حقه في اللجوء إلى المحاكم والدفاع عن حقوقه وكذلك الإيقاف والقبض الغير مبرر..الخ. وهنا فمن واجب الدولة التي يتبع لها الشخص أن تدافع عن حقوقه وتحميه.

وتجدر الإشارة إلى أن القانون الدولي لا يفرق بين المسئولية التعاقدية والمسئولية التقصيرية، ولذلك فان أي تصرف من أي دولة من شأنه أن يؤدي إلى انتهاك التزاماتها الدولية يترتب عليها مسئولية دولية، وعليها بالتالي إصلاح ما أفسدته، وتعويض الدولة المتضررة عن الضرر الذي لحق بها، وهذا التعويض قد يكون في صورة اعتذار وهو الأكثر شيوعا في القانون الدولي، كما قد يكون التعويض مادياً في حالة عدم قبول الاعتذار، مثل دفع مبلغ من المال تعويضاً عن أشياء تم إتلافها أو تخريبها ونحو ذلك، وقد يكون التعويض عينياً، وذلك بإعادة الأشياء إلى وضعها الطبيعي قبل إحداث الضرر، مثل إعادة أشياء تم الاستيلاء عليها أو الإجلاء عن إقليم محتل وما إلى ذلك.

ومن الضروري التأكيد على انه يجب أن يصدر الفعل أو المخالفة من شخص دولي اعتباري أو دولة أو أحد ممثليها الرسميين، فصدور فعل ما من قبل مواطن عادي أو شخص عادي لا يمثل الدولة لا يوجب المسئولية الدولية على الدولة، ونجد أن محكمة العدل الدولية (ICJ)، أشارت في حكمها في قضية الرهائن الأمريكيين في طهران عام 1979، إلى أن من قاموا بالهجوم على السفارة الأمريكية في طهران هم من المليشيات، ولذلك فانه لا يمكن تحميل إيران مسئولية ذلك، لأنهم لم يكونوا تابعين للدولة، أو من موظفيها الرسميين، وأعتقد أنه وإن كان ذلك صحيحاً، إلا أنه يجب على الدولة أن تبذل قصارى جهدها لمنع مواطنيها أو المقيمين على أرضها من إلحاق الأذى والضرر بأي دولة أخرى، أو إلحاق الأذى والضرر برعايا الدول الأخرى المقيمين على أرضيها.


تعليقات