التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حق الدفاع عن النفس في القانون الدولي



حق الدول في الدفاع عن نفسها وهو ما يسمى في القانون الدول (حق الدفاع عن النفس (
self-defense، قد صيغ بشكل جيد في القانون الدولي العرفي قبل عام 1945، وكذلك بموجب ميثاق الأمم المتحدة، والذي يعتبر المرجعية الأساسية للدول لاستخدام القوة في الدفاع عن النفس، حيث نصت المادة (51) من الميثاق على يلي:

"ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص من الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة، حتى يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين. وتتخذ التدابير التي اتخذها الأعضاء في ممارسة هذا الحق في الدفاع عن النفس فورا تقريرا إلى مجلس الأمن، ويجب ألا يؤثر بأي شكل على سلطة ومسؤولية مجلس الأمن بموجب هذا الميثاق أن تتخذ في أي وقت مثل هذا الإجراء لأنه يراه ضروريا من أجل صون أو استعادة السلم والأمن الدوليين ".


ولأن هذه المادة اشترطت وجوب حدوث (الهجوم المسلح armed attack)، قبل استخدام الدولة لحقها في الدفاع عن النفس، إلا أن قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم (3314) لعام 1974م، في المادة (3) استخدم مصطلح (العدوان aggression)  ولم يستخدم مصطلح  (الهجوم المسلح armed attack) ، وعرفه كما يلي: -


أي فعل من الأفعال التالية، بغض النظر عن إعلان الحرب من عدمه، يمكن وصفه بأنها عمل من أعمال (الهجوم المسلح):

 (1) أي غزو أو هجوم من جانب القوات المسلحة لدولة ما لأراضي دولة أخرى، أو أي احتلال عسكري، ولو مؤقتاً، ينجم عن مثل هذا الغزو أو الهجوم، أو أي ضم باستخدام القوة لأراضي دولة أخرى أو لجزء منه.

(2) أي قصف من جانب القوات المسلحة لدولة ما على أراضي دولة أخرى أو استخدام أي أسلحة من قبل دولة ما ضد أراضي دولة أخرى.

(3) ضرب حصار على موانئ أو سواحل دولة ما من قبل القوات المسلحة لدولة أخرى.

(4) أي هجوم من جانب القوات المسلحة لدولة ما على البحر القوى البرية أو الجوية أو الأسطولين البحري والجوي لدولة أخرى.

(5) استخدام القوات المسلحة لإحدى الدول التي تقع ضمن أراضي دولة أخرى بموافقة الدولة المستقبلة، في مخالفة للشروط المنصوص عليها في هذا الاتفاق أو أي تمديد لوجودها في هذا الإقليم إلى ما بعد نهاية الاتفاق.

(6) العمل على إقامة دولة في السماح لأراضيها، والتي كانت قد وضعت تحت تصرف دولة أخرى، ليتم استخدامها من قبل الدولة الأخرى لارتكاب عمل عدواني ضد دولة ثالثة.

(7) ارسال عصابات أو جماعات مسلحة، غير نظامية أو مرتزقة، من قبل دولة ما، أو نيابة عن دولة ما، لتنفيذ أعمال القوة المسلحة ضد دولة أخرى، وتكون من الخطورة بحيث تعادل الأعمال الهجومية المذكورة أعلاه، أو اشتراك الدولة بدور ملموس في ذلك.  

على الرغم من أن الجمعية العمومية للأمم المتحدة استخدمت في التعريف المذكور أعلاه مصطلح "العدوان aggression" بدلا من مصطلح "الهجوم المسلح armed attack" المستخدم في المادة (51)، فهناك من يرى أن مصطلح "العدوان" مرادف لمصطلح "الهجوم المسلح" وأن الهجوم المسلح هو شكل من أشكال العدوان، وبالتالي، فإن أي دولة لها الحق في اللجوء إلى استخدام القوة في إطار الدفاع عن النفس إذا وقع العدوان او الهجوم المسلح فعلاً.   

وتجدر الاشارة إلى أن الحوادث والمناوشات الحدودية لا يتم تصنيفها على أنها هجوم مسلح في تعريف (الهجوم المسلح) المذكور في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن هذه المسألة، يعتقد (دنشتين) أن ليس هناك ما يدعو لفصل صغار الهجمات المسلحة عن الهجمات المسلحة واسعة النطاق، لأنه بسبب الحوادث الحدودية في كثير من الحالات لا تنطوي على نطاق واسع للمعركة، وبالتالي، سيكون من الخطأ أن يفصل بينهما من أنواع أخرى من الهجمات المسلحة، . (كونز) يؤيد وجهة نظر دنشتين مشتركة ويؤكد أنه إذا كان المقصود من الهجوم المسلح هو هجوم المسلح غير الشرعي، فإن هذا من شأنه أن تشمل أي هجوم المسلحة غير شرعي، ولو كان صغيراً مثل الحوادث والمناوشات الحدودية، من ناحية أخرى، نجد أن McCoubrey & White يختلفان مع الآراء المذكورة أعلاه ، ويريان  أن حوادث الحدود لا ترقى إلى مستوى العدوان المسلح الشمار اليها في لمادة  المادة 3 (ز) من تعريف العدوان، وأن الافضل للدولة في مثل هذه الحالة هو حقها في اللجوء إلى تدابير مضادة محدودة، بدلا من اللجوء إلى حقها في الدفاع عن النفس.

وبالنسبة لمحكمة العدل الدولية، فقد ميزت في قضية نيكاراغوا، المشهورة بين الهجوم المسلح ومجرد الحوادث الحدودية البسيطة، على أساس حجمها وآثارها، إلا أنها اعتبرت أن مفهوم (الهجوم المسلح) لا يطلق على الإجراءات التي تقوم بها القوات المسلحة النظامية على حدود الدول، بل لابد من القيام بإرسال القوات والجماعات المسلحة من قبل الدولة أو نيابة عن الدولة، لارتكاب أعمال ضد دولة أخرى، وتكون من الخطورة بحيث تصل الى مستوى لهجوم مسلح الفعلي، وفي الممارسات الدولية بين الصين وفيتنام عام 1979، نجد أن الصراع بينهما أسفر عن خسائر في الأرواح بلغت20،000 قتيل، واحتلال خمس مدن فيتنامية من قبل القوات الصينية، وقد يكون من الممكن أن ما قامت به الصين يرقى الى مستوى الهجوم المسلح، وذلك  من شأنه أن يعطي فيتنام الحق في اللجوء  للدفاع عن النفس، ولكن بدلا من ذلك، لجأت فيتنام إلى اتخاذ تدابير مضادة لطرد القوات الصينية خارج أراضيها المحتلة، هذه الحادثة بين الصين وفيتنام تدعم وجهة نظر McCoubrey &White  ، إنه يبدو من قبيل المبالغة أن تُصنف الحوادث الحدودية على أنها هجوم مسلح فعلي، يعطي الدولة الضحية الحق في اللجوء للدفاع عن النفس، لأنه ليس كل الحوادث الحدودية تتضمن نطاق واسع من الاشتباكات العسكرية، وهذا قد يشير إلى أن ذلك يشمل نطاق صغير من الحوادث الحدودية كذلك. في حالة من الحالات التي قد تنطوي على تبادل لإطلاق النار بين أقلية صغيرة من القوات العسكرية من دولتين متجاورتين، للدولة الضحية إلى اللجوء إلى حقها في الدفاع عن النفس بموجب المادة (51)، ما إذا كان الهجوم قد يكون عن طريق استخدام صدت من تدابير مضادة، وسيكون ردا المفرطة من جانب الدولة الضحية. لذلك، ما إذا كانت الضحية تلجأ الدولة إلى حق الدفاع عن النفس أو لتدابير مكافحة تعتمد اعتمادا كليا على مقياس من وقوع الحادث الحدودي. ويجب التأكيد، مع ذلك، أن بعض الشروط التي يجب مراعاتها عند ممارسة حق الدفاع عن النفس وهي: -

(1) حق الدولة في استخدام القوة للدفاع عن النفس يكون فقط اذا وقع من الهجوم المسلح. 

(2) يجب أن يكون الحق في الدفاع عن النفس هو البديل الوحيد للدولة الضحية لإنهاء العدوان الذي اُرتكب ضدها.

(3) يجب على الدولة الضحية الرد على الهجوم المسلح على الفور ودون أي تأخير من خلال استخدام القوة، وذلك لتلافي أي تأخير لا مبرر له للدولة الضحية، لان ذلك قد يعرضها لاحتمال وصفها بأنها معتدية نفسها.

(4) شرط التناسب، وهو أن على الدولة الضحية لهجوم المسلح فقط استخدام ما يكفي من القوة للرد على الهجوم المسلح.




تعليقات