لو افترضنا جدلاً ومن أجل مناقشة هذا الموضوع من الناحية القانونية، أن دولة A مارست ضغوطاً من أجل أن توقع دولة B على اتفاقية ما، مقابل الاعتراف بها، وأن الدولة B وقعت الاتفاقية، ولكنها دفعت بأن الاتفاقية باطلة لأنها وقعتها مكرهة، فان الأمر يتطلب مناقشة حجة الإكراه duress أو coercion ، في القانون الدولي، لنرى هل ينطبق على هاتين الدولتين أم لا. من وجهة نظر القانون الدولي، فإنه يشترط لصحة الاتفاقية أن تكون خالية من عيوب الرضا، وهي الغلط والتدليس والغبن والإكراه، وإذا علمنا أنه ليس من الصعب الدفع بهذه العيوب لإبطال العقود بين الأفراد، إلا أن ذلك يعتبر في غاية الصعوبة على المستوى الدولي من خلال الاتفاقيات الدولية، لأن هذه الاتفاقيات تمر بسلسلة طويلة من المفاوضات والنقاش، وتعرض على مستويات عديدة ومهمة في الحكومات والبرلمانات في الدول المعنية على اختلاف مسمياتها وأنواعها، وبالتالي فإنه يفترض الانتباه لعيوب الرضا وتجاوزها، لذلك، فان القانون الدولي تنبه لهذه المسألة وتعامل مع عيوب الرضا في الاتفاقيات الدولية بشيء من الاهتمام والحذر بهدف صيانة الاتفاقيات الدولية، وضمان استمرار...
من المعروف على نطاق واسع، أنه وفقا لقانون المعاهدات، فان الانسحاب من أي اتفاقية أو معاهدة من جانب أي طرف من الأطراف، لا يكون قانونياً إلا إذا كان وفقاً لأحكام المعاهدة نفسها، أو وفقا ًلأحكام اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، [1] كما أن المادة (60) الفقرة (1) من اتفاقية فيينا لعام 1969 م، بشأن قانون المعاهدات، نصت على أن أي انتهاك جوهري لالتزامات المعاهدة من طرف واحد يعطي الحق للطرف الآخر في إنهاء أو تعليق المعاهدة على أساس مثل هذا الانتهاك. ولتوضيح المزيد حول الانتهاك الجوهري لمعاهدةٍ ما ، وكمثال على حالات الانتهاك الجوهري للمعاهدات، يمكن في هذا السياق أن نشير إلى قضية Rainbow Warrior case في 1985 م، [2] عندما قام اثنين من الوكلاء الفرنسيين بتدمير Rainbow Warrior في مرفأ في نيوزيلندا، وبعد الوساطة التي قام بها الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة آنذاك، وقّعت كلا من فرنسا ونيوزيلندا اتفاقية في عام 1986 م، [3] تم بموجبها الاتفاق على انتقال العميلين الفرنسيين إلى قاعدة عسكرية فرنسية في المحيط الهادئ، حيث كان عليهم البقاء فيها لمدة ثلاث سنوات، وعدم مغادرتها بدون موافقة ...